شقاء في البداية وتشرد في النهاية.. ياما ع الرصيف مهندسين
قابلناها
على أحد أرصفة ميدان رمسيس ـ حيث مقر إقامتها الذي اختارته رغما عنها ـ
ووجدناها ذات عين واسعة ..قلب منكسر.. قامة منحنية.. أكتاف ناءت بأحمالها
.. تنظر إليها فترى هموم الدنيا قد طبعت بصماتها على جسدها الهزيل، وملامح
الذل والانكسار تظهر على وجهها كأنها لوحة فنية.
وهي
تقيم في الجزيرة الوسطى للطريق المؤدى إلى غمرة، وبالتحديد أمام مستشفى
القبطي، وكانت المفاجأة التي لا يصدقها عقل حين اكتشفنا أنها كانت تعمل
مهندسة بوزارة الزراعة، أنها نيللي عزت إبراهيم ـ ستون عاما ـ أشهر ضحايا
متاهة المحروسة.
من أكون؟!
"
تقول نيللي وبنبرة حزينة منكسرة ولهجة تحمل عتابا على الدنيا القاسية :
لقد جئت إلى الدنيا وأنا لا اعرف أبي وأمي وعندما بدأت أدرك الأشياء عرفت
أن هناك من ألقى بي في الشارع ليلتقطني أب حنون وأم عطوفة وتبنوني وأصبحت
مثل ابنتهم التي وجدوا استحالة في وجودها وقتها.
ولكن
القدر شاء أن ينجبا بعد علاج استمر فترة طويلة فرزقهم الله بطفلة ثم طفل
فأصبحت أنا أختا لهما ولم أكن أتخيل أن يتخلوا عني ويتركونني لقسوة الحياة
ولكن عندما بلغت من عمري 8 سنوات حاول أبي بالتبني إلغاء اسمي من بطاقته
العائلية ولكنه فشل فأصبحت منبوذة في المنزل.
وسرعان
ما تبدلت الأحوال فتغيرت المعاملة من الحنان إلى القسوة ومن الرعاية إلى
الإهمال، إلا أنني تحملت كل تلك الإهانات والمعاملة السيئة التي أتلقاها
إلى أن التحقت بكلية الزراعة جامعة القاهرة وتخرجت وعملت في وزارة الزراعة.
للحياة أوجه عديدة
وفجأة
أخذت المسائل تأخذ منحى مختلف تماما، حيث بدأت معاملة أمي بالتبني تتغير
تجاهي، فسيطرت عليها مشاعر الغيرة معتقدة أنني سأختطف زوجها منها، مما
جعلها توجه إلي ألفاظا نابية، وتنهرني باستمرار، فحاولت أتخلص من تلك
الحياة البائسة بالموافقة على أول عريس يتقدم لي بالرغم من عدم تناسبه معي
ومع مستوى ثقافتي وعلمي لذا كان الزواج مصيره الفشل السريع.
وطلبت
الطلاق منه بعد شهر واحد من الزواج ولم تتركني أمي المزعومة بل بدأت تروج
ضدي الشائعات على أنني مجنونة، لأنها ذات مره رأتني أقرأ في أحد كتب علم
النفس العربية والأجنبية.
ومرت
الأيام سريعا إلى أن جاءني عريس آخر، فوافقت عليه، لان أبي بالتبني كان
يريد أن يتزوجني واستمر زواجي لمدة أربع سنوات، ثم باء بالفشل لأنه كان
يعاملني على أنني مجنونة وطلقت للمرة الثانية بناء على ما قالته له أمي
بالتبني.
رحمة الشارع
ومن
جديد عادت مرة أخرى لبيت العائلة الكائن بمدينة نصر، لكنها لم تطق العيش
في هذا البيت لأنها لو استمرت به لفقدت عقلها ولكنها تحملت الاهانات
وأصبحت خادمة لهم إلى أن كبر سنها ولم تعد تطيق المعاملة السيئة، ففرت
هاربة ولم تجد أمامها سوى الشارع.
وتستطرد
قائلة بأنها هربت من الجحيم ولم تجد سوى الشارع ليكن مأوى لها فبدأت
إقامتها بحديقة في مدينة نصر، ولكنها تركتها بسبب المعاملة السيئة من جانب
العاملين بالحديقة، فذهبت إلى شارع عماد الدين وجلست فوق كرسي خشبي وعطف
الناس عليها وأعطوها أموالا اشترت بها مستلزمات من مياه وأطعمة وعصائر
وبطانية لتنام عليها بالشارع وتحميها من برودة الشتاء.
ولكنها
شعرت أن هناك خطرا سيداهمها من خلال مغازلة بعض الرجال لها مما جعلها تترك
هذا المكان وجاءت لميدان رمسيس ولكن بعض رجال الأمن وبعض أصحاب المحلات
نهروها، وطردوها ولم تجد سوي المنطقة الوسطى بين الرصيفين بعيدا عن المارة.
ولم
يكن معها نقود سوى بعض الجنيهات التي تحصل عليها من أهل الخير لشراء ما
تحتاجه وبالفعل قامت بشراء كافة السلع التي تحتاجها بالإضافة إلى أدوات
الطهي وبوتاجاز صغير وغيرها من الأشياء التي تغنيها عن سؤال الناس، وعندما
يأتي الليل تأخذ أدواتها وتذهب أسفل الكوبري لتنام بعيدا عن عيون الناس
وأصوات السيارات.
قابلناها
على أحد أرصفة ميدان رمسيس ـ حيث مقر إقامتها الذي اختارته رغما عنها ـ
ووجدناها ذات عين واسعة ..قلب منكسر.. قامة منحنية.. أكتاف ناءت بأحمالها
.. تنظر إليها فترى هموم الدنيا قد طبعت بصماتها على جسدها الهزيل، وملامح
الذل والانكسار تظهر على وجهها كأنها لوحة فنية.
وهي
تقيم في الجزيرة الوسطى للطريق المؤدى إلى غمرة، وبالتحديد أمام مستشفى
القبطي، وكانت المفاجأة التي لا يصدقها عقل حين اكتشفنا أنها كانت تعمل
مهندسة بوزارة الزراعة، أنها نيللي عزت إبراهيم ـ ستون عاما ـ أشهر ضحايا
متاهة المحروسة.
من أكون؟!
"
تقول نيللي وبنبرة حزينة منكسرة ولهجة تحمل عتابا على الدنيا القاسية :
لقد جئت إلى الدنيا وأنا لا اعرف أبي وأمي وعندما بدأت أدرك الأشياء عرفت
أن هناك من ألقى بي في الشارع ليلتقطني أب حنون وأم عطوفة وتبنوني وأصبحت
مثل ابنتهم التي وجدوا استحالة في وجودها وقتها.
ولكن
القدر شاء أن ينجبا بعد علاج استمر فترة طويلة فرزقهم الله بطفلة ثم طفل
فأصبحت أنا أختا لهما ولم أكن أتخيل أن يتخلوا عني ويتركونني لقسوة الحياة
ولكن عندما بلغت من عمري 8 سنوات حاول أبي بالتبني إلغاء اسمي من بطاقته
العائلية ولكنه فشل فأصبحت منبوذة في المنزل.
وسرعان
ما تبدلت الأحوال فتغيرت المعاملة من الحنان إلى القسوة ومن الرعاية إلى
الإهمال، إلا أنني تحملت كل تلك الإهانات والمعاملة السيئة التي أتلقاها
إلى أن التحقت بكلية الزراعة جامعة القاهرة وتخرجت وعملت في وزارة الزراعة.
للحياة أوجه عديدة
وفجأة
أخذت المسائل تأخذ منحى مختلف تماما، حيث بدأت معاملة أمي بالتبني تتغير
تجاهي، فسيطرت عليها مشاعر الغيرة معتقدة أنني سأختطف زوجها منها، مما
جعلها توجه إلي ألفاظا نابية، وتنهرني باستمرار، فحاولت أتخلص من تلك
الحياة البائسة بالموافقة على أول عريس يتقدم لي بالرغم من عدم تناسبه معي
ومع مستوى ثقافتي وعلمي لذا كان الزواج مصيره الفشل السريع.
وطلبت
الطلاق منه بعد شهر واحد من الزواج ولم تتركني أمي المزعومة بل بدأت تروج
ضدي الشائعات على أنني مجنونة، لأنها ذات مره رأتني أقرأ في أحد كتب علم
النفس العربية والأجنبية.
ومرت
الأيام سريعا إلى أن جاءني عريس آخر، فوافقت عليه، لان أبي بالتبني كان
يريد أن يتزوجني واستمر زواجي لمدة أربع سنوات، ثم باء بالفشل لأنه كان
يعاملني على أنني مجنونة وطلقت للمرة الثانية بناء على ما قالته له أمي
بالتبني.
رحمة الشارع
ومن
جديد عادت مرة أخرى لبيت العائلة الكائن بمدينة نصر، لكنها لم تطق العيش
في هذا البيت لأنها لو استمرت به لفقدت عقلها ولكنها تحملت الاهانات
وأصبحت خادمة لهم إلى أن كبر سنها ولم تعد تطيق المعاملة السيئة، ففرت
هاربة ولم تجد أمامها سوى الشارع.
وتستطرد
قائلة بأنها هربت من الجحيم ولم تجد سوى الشارع ليكن مأوى لها فبدأت
إقامتها بحديقة في مدينة نصر، ولكنها تركتها بسبب المعاملة السيئة من جانب
العاملين بالحديقة، فذهبت إلى شارع عماد الدين وجلست فوق كرسي خشبي وعطف
الناس عليها وأعطوها أموالا اشترت بها مستلزمات من مياه وأطعمة وعصائر
وبطانية لتنام عليها بالشارع وتحميها من برودة الشتاء.
ولكنها
شعرت أن هناك خطرا سيداهمها من خلال مغازلة بعض الرجال لها مما جعلها تترك
هذا المكان وجاءت لميدان رمسيس ولكن بعض رجال الأمن وبعض أصحاب المحلات
نهروها، وطردوها ولم تجد سوي المنطقة الوسطى بين الرصيفين بعيدا عن المارة.
ولم
يكن معها نقود سوى بعض الجنيهات التي تحصل عليها من أهل الخير لشراء ما
تحتاجه وبالفعل قامت بشراء كافة السلع التي تحتاجها بالإضافة إلى أدوات
الطهي وبوتاجاز صغير وغيرها من الأشياء التي تغنيها عن سؤال الناس، وعندما
يأتي الليل تأخذ أدواتها وتذهب أسفل الكوبري لتنام بعيدا عن عيون الناس
وأصوات السيارات.