أول ما يتعلم الطفل في مصر بعد البصق على الآخرين (تف على اونكل يا حبيبي) هي البوسة، في الغالب تأخذ البوسة أسماء متعددة ، فهي القبلة باللغة العربية ، وهي (إدي لعمو كر) بالنسبة للاطفال الصغار، و(إديني أطة) عند الجيل القديم من الرجال المصريين (جيل انقرض والحمدلله) ، ولو ذهبت للدول العربية ستجد كل دولة لها عادة في التقبيل عند التحية على عكس الدول الاوروبية تماماً الذين يرون أن البوسة ما لم تكن للحبيب أو الحبيبة أو الطفل الصغير فهي جلابة المرض (بوس إيه وقرف إيه يا نيلة إنت)!!
البوس عند المصريين لا ينتهي ، فنحن شعب (مقضيينها بوس)، يتعلم المصري أن يبوس الخدود تحية ،وأن بوس الرأس اعتذار ( أحب على راسك يا معلمي) ، وان بوس اليد احترام (مع الجد والأب والأم) ، أو إتيكيت مع بعض أصناف السيدات ، أو مذلة ( أبوس إيدك يا مستر أروح الحمام) ، أما أسوأ بوسة فهي تلك التي تتعلق بالمهانة (ما بقاش أنا لو ماخلتهوش يبوس الجزمة).
ولو رجعت للتاريخ فستجد أن موضوع البوس عند المصريين طبيعي جدا، حيث رسم الفراعنة على جدران المعابد أشخاصا يتبادلون القبل ، لكن الواقعة التي يذكرها التاريخ جيداً هي واقعة كليوباترا الملكة المصرية التي كانت تكافئ جنودها الشجعان بتقبيلهم (منين بالظبط لم يذكر المرجع)، وهي العادة التي اندثرت بعدها حيث أصبح الحكام من الرجال الذين سيفهمون حتماً بطريقة خاطئة إذا قال أحدهم لجنوده ما تجيب بوسة) بس طبعاً بالهيروغليفي !!
يذكر كذلك أن المصريين يبوسون أي شئ ، فلو وجدوا لقمة على الأرض يقبلونها (تقبيل النعمة) قبل أن يركنوها على أي جنب، وقد يكون المصريون هم أول من قبلوا المصحف الشريف، كما أن أمثالهم الشعبية وأقوالهم المأثورة لم تخل من البوس ، فهناك بوس الرضا (يا عم عيش عيشة أهلك وبوس إيدك وش وضهر)، بوس الندم (أبوس القدم وأبدي الندم على غلطتي في حق البجم) ، وحتى في الأغاني عرفوا البوسة من أيام عبد الوهاب (بلاش تبوسني في عنيا دي البوسة في العين تفرق) ، ومروراً بوردة الجزائرية (بوسة من الخد دا وبوسة م الخد دا ..تي را را را)، ووصولاً إلى حكيم الذي وصل بالبوس لمرحلة العمليات الانتحارية حيث الغاية تبرر الوسيلة ( هجري عليه وأبوسه) مهما فعل (لو يعمل إيه ..هبوسه) ، وهو البوس الذي يمكن أن يلقي به في السجن لو طبقه فعلاً حيث لا يعترف به بوليس الآداب أو شرطة السياحة.
في السينما المصرية اخترع المخرجون والممثلون المصريون مصطلحاً غريباً هو مصطلح (البوسة الهادفة) لمواجهة عواصف الانتقادات التي تثار ضدهم بين الحين والآخر بسبب زيادة البوس عن معدلاته الطبيعية في الفيلم، وهي بوسة موظفة درامياً (زي موظفة الحكومة كده)، ولابد منها في سياق الفيلم (واحد متجوز واحدة أكيد مش هيعاملها زي أمه ) ، لكن الغريب أن الفئة ذاتها من المصريين -فئة الممثلين والمخرجين- هي التي ابتكرت مصطلحاً آخر غريبا هو مصطلح السينما النظيفة تماما من البوس لدرجة قد تتسائل :لماذا لا يضعون تحذير على الافلام مثل (فيلم خالي من البوس) أو (بوستين في كل مشهد) ؟ ..ويذكر البعض فيلم “ابي فوق الشجرة” الذي أنتج بعد نكسة يوليو الشهيرة والذي احتوى على اكثر من 27 بوسة ، فقد كانت مشكلة عبد الحليم حافظ في الفيلم إنه مش عارف يبوس ميرفت أمين ، وهكذا ولدت الدراما فابتعد عنها ليبوسة نادية لطفي كمية البوس التي دفعت الناس للاندهاش، ودفعت الرئيس جمال عبد الناصر نفسه للسؤال عن الفيلم بدهشة فبل أن يقول -كما نسب له : خلي الناس تنبسط ، ولا ننسى كذلك إفيه سعيد صالح الشهير في مسرحية العيال كبرت :” هتتباس يعني هتتباااااااس”.
على مستوى العالم تستطيع أن تعرف أن إيطاليا في العصور الوسطى كانت تفرض الزواج على الرجل الذي يقبل المرأة في ميدان عام ( يا تتجوزها يا هنعلقك) ،
وسجلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية أطول قبلة في التاريخ التي كانت في البرازيل عام 1964 عندما أراد رجل وفتاة تبادل قبلة سريعة (حبكت يعني) فتشابكت دعامات اسنانهما وتعطل المرور عدة ساعات (عشان يحرموا) ،
وتسجل فرنسا معرفتها بالبوسة للدرجة التي تجعلها مضرب المثل (بوسة فرنساوي) ، وهي طريقة تسمى التقبيل العميق نقلوها عن كاماسوترا ، واكتشفوا أنها تحرق العديد من السعرات الحرارية، يعني يمكن استخدامها للتخسيس (في فرنسا طبعاً) ،
وتعتبر بوسة كلارك جيبل لفيفيان لي في الفيلم الشهير “ذهب مع الريح ” هي أشهر بوسة في تاريخ السينما العالمية ، غير أنها جلبت الخلافات بعد ذلك لأن فيفيان لي أكدت أن الأخ جيبل كان واكل بصل (جتك القرف) ،
وهي مشكلة شبيهة بمشكلة بوسة الاخ هيوجرانت للأستاذة جوليا روبرتس في فيلم (نوثنج هيل) حيث سألوا هيو جرانت عن رأيه في البوسة ، فقال إنها بوسة مرعبة لأن فم جوليا روبرتس واسع جداً فشعر بأنها قد تبلعه في أي لحظة
(وانا أقول ياربى مشاكل البلد والبطاله واطفال الشوراع وكل الكوارث دى سببها أيه <<< سيبك انت البوسه عند الشعب المصرى اهم من كل ده )