لعل الشيء الذي سيتفق فيه معي الكثير ممن يقرأ هذه المقالة ، أن أكبر
امتحان و ابتلاء لكل أحد منا أن ولدنا في هذا الزمان بالذات ، و تعجبني و
الله أحج مقولات السلف التي تقول : تشابه الناس في العافية ، فإذا نزل
البلاء تباينوا !
هذا ما شهدناه بأعيننا ، و سمعناه ، طيلة هذه الأيام التي تعاني منها
فلسطين من شدة وطـأة أحفاد القردة و الخنازير ، فبعد الهجوم المعلم من طرف
القوات اليهودية ، رأينا هذا الحماس الذي غلت منه صدور كل كبير و صغير في
هذه الأمة ، و الذي يوضح الخيرية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه و
سلم ، أنها توجد في أمته إلى أن يشاء الله ، فرأينا الكبير و الصغير و
الكهل يخرجون عن صمتهم ، و ينادون بأصوات تغالب الدموع ، و يطالبون من
يهمهم الأمر بالتحرك ، أو السماح لهم بالتحرك ، فالأمر سيان !
النقطة الثانية التي تعجبني في أفراد ذهذ الأمة ، أنها أمة و إن نامت و
دخلت في سبات عميق ، إلا أنها لا تنسى من أساء إليها ، خصوصا مع العدو
القديم الجديد ، خنازير اليهود ، فرغم الإنشغال في الملذات ، يحمل الوعي
الباطن لكل مسلم ، يحمل أحداثا كتلك التي تدار في أرشيف السينما ، تمر
فيها كل الأحداث و المجازر التي مررنا بها عبر التاريخ ، و أكبر دليل على
ذلك ، أن في أغلب الثقافات عبر أقطار العالم الإسلامي ، توافق كلمة
اليهودي ، معنى البخل و الغدر و الخيانة و الخبث ، حتى أنها أصبحت شتيمة
في مجتمعات المسلمين !
غير أنه وفي خضم كل الأشياء التي تبشر بالخير في أنتي الحبيبة ، إلا أنني
أقولها علانية و أكررها : عفوا ... فنحن أمة لا تستحق النصر !
إلى جانب مشاعر الحب الصادق التي يحملها المسلمون في هذا الزمان في صدورهم
إلى إخوانهم في كل مكان ، لتصدق كلمة سيد البشر صلى الله عليه و سلم : أن
المسلمون للمسلمين كالجسد الواحد ، إلى جانب ذلك يرقد في نفوس البعض منا
سرطان خبيث ، يأكل خلايا حبنا لها الدين أكلا عنيفا ، متواصلا سريعا ، هو
سرطان القومية فما إن هوجم نظام مصر حتى كشر هذا السرطان عن أنيابه ، و
أصبح يزأر في كل مكان ، و سمع دوية ، و شمت رائحته النتنة !
مشكلتنا أحبائي أن ولاءنا ليس لديننا مائة بالمائة ، ففينا من الجاهلية ما
فينا ، و نحن مستعدون للحرب ضد بعضنا البعض ، إذا ما قال أحد رأيه في أحد
الأنظمة ، أو حتى في فريق لكرة القدم ! و هنا يطرح سؤال نفسه بإلحاح : هل
هذا النظام الذي تدافع عنه ، هل أفاد الإسلام بشيء اللهم إلا من شجب و
استنكار ملت الشعوب منه و أصبح عملة قديمة صدئت من فرط التداول ؟
هل هذه الأنظمة التي يدافع كل شخص عنها بكل ما أوتي من قوة ، خدمت الإسلام
كما خدمه الفاروق و من قبله الصديق و من بعدهما رجال صدقوا الله ؟ ثم ،
الم تسألوا نفسكم أحبائي ، لماذا تصافح أنظمتنا بشكل مباشر أو غير مباشر و
بدون استثناء من المحيط إلى الخليج ، الخنازير الذين استباحوا دماءنا و
أراضينا و همتنا و كرامتنا ؟
هذا السرطان الخبيث سببه أننا لا نؤمن حقا و إخلاصا بإله الأكوان ، و
نتناحر فيما بيننا ، لأننا بكل بساطة لا نستطيع محاربة اليهود ، لأنهم رغم
فساد عقائدهم إلا أنهم متحدون ، و ينتقمون بقتل 400 شهيد و الحصيلة مرشحة
للإرتفاع لمجرد أن قتل يهودي واحد ! هل رأيتم الفرق ؟ اليهود ، و إن كانوا
لا يمثلون إلا قلة وسط غثاء من المسلمين ، إلا أنهم ينتصرون علينا ، و
سيظلون منتصرين إلى أن نخلص العبودية لله وحدة و نكفر بالقوميات الخربة
التي نفتخر بها و قد علاها الصدأ !
نحن قوم مســــــــــــــــلمون
و في المقابل ، و مع فورة الحماس ، و العواطف الجياشة ، و التي تسيطر في
أغلب الأحيان على تفكير شباب هذه الأمة طلع علينا أفراد من أمتي الحبيبة ،
يحثون فيها الشعوب على الخروج على أنظمتهم ، و على كل شيء ، و تخريب مصالح
اليهود في دولنا ، و لكنني أسأل و أعيد السؤال : هل نجد فينا ، و في
أنفسنا ، و في أنفس مليار و نصف المليار ، الإيمان الكافي الذي سيجعلنا
نقدم على خطوة مهمة كهذه ؟
هل من يذهب من أقصى الخليج إلى أقصى المحيط من أجل التمتع بالسياحة الجنسية له القدرة على ذلك ؟
هل ملايين الشباب الذين لا هم لهم سوى الأغاني و الموسيقى و الأفلام و
الفتيات و التشاتينغ ، يعتبرون أجنادا مجندة ، يستطيعون من خلالها هزم
اليهود ؟ كلا و ربي!
هنيئا لليهود خبثهم و مكرهم ، فقد استطاعوا في عز ذبحهم لإخواننا الإيقاع
بيننا ، و بدأ فيروسهم و سرطانهم في الإشتغال ، مباشرة بعد قصفهم لإخواننا
، فأصح المصري يشتم الجزائري ، و الجزائري يتوعد المغربي من أجل حفنة
الرمال ، و السوداني يتهم الصومالي ، و القطري إلخ إلخ ! هنيئا لنا أيها
المسلمون تخاذلنا ، و عفننا ، ووسخنا الفكري ، و بسالتنا التي لم تقو على
اليهود ، فاستأسدت على إخوانها ، في ظل قومية خربة !
انظروا إلى إخوانكم الذين يقطعون كل يوم ، و إلى العائلات التي تفقد كل
يوم و كل ساعة أفرادا من أفرادها في ثانية واحدة ، لكنهم صامدون ، لا
يضرهم من عاداهم ، و لا من قال إن مقاومتهم مقاومة عبثية ، و أنهم هم
السبب في هذا الوضع ، فأقول لمن قال هذا القوم : إخسئ فلمن تعدو قدرك ،
إذهب و لينصرن الله جنده رغما عن كلامك ، و رغما عن ضعفك و هوانك أيها
الجبان ، و كلامي هنا موجه إلى من قالها مباشرة ، و إلى من قالها مبهمة ،
أي أن كلامي موجه إلى كافة الحكماء الذين يتولون أمور المسلمين ، و الذين
هو بعيدون كل البعد عن الحكمة !
هؤلاء الذين تقولون إن صواريخهم عبثية ، , أنكم حذرتموهم ، و أنهم لم
يسمعوا تحذيركم يا حفنة الجبناء ، نسيتم أم تناسيتم أن الأرض أرضهم ، و أن
الخنازير قتلوا أطفالهم ، و شيوخهم و نساءهم طيلة عشرات السنين ، و سلبوا
حقهم ، و في الأخير تواطئ إخوانهم الذين راموا فيهم النصرة مع جلادهم الذي
يحاول لبس عباءة البراءة و السلام الآن
هؤلا يا وزراء خارجية الجبن و الهوان ، هم شرف هذه الأمة ، و هم شرفكم
الذي ضاع بين شهوات بطونكم و فروجكم ، و هم من قال فيهم رسول الله صلى
الله عليه و سلم ما يلي ، هذا إن كنتم فعلا تفقهون ما قال يا شرذمة النفاق
:
لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم
إلا ما أصابهم من لأواء فهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتيهم أمر الله وهم
كذلك قالوا يا رسول الله وأين هم قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس
الراوي: أبو أمامة المحدث: *** جرير الطبري - المصدر: مسند عمر - الصفحة أو الرقم: 2/823
خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
حقيقة ، العيش بين أشباه الرجال ، و الين يدعون الشجاعة لا يشرف حتى حجرا
يسبح مولاه ! عذرا على عنف كلماتي ، و غضبها ، و لكننا ببساطة أمة لا
تستحق النصر
=========================================================